بقلم ا/ أحمد سعيد إبراهيم
وتتواصل أسباب المغفرة فى عشر المغفرة " وأوسطه مغفرة " ومع سبب من أقوى أسباب المغفرة وموجباتها.. سبب موجب للمغفرة قد أوجبه الله على العبد ليقبل فى عداد المغفور لهم عنده .. من أهل مغفرته ..وقد ذكر الله عز وجل مغفرته عند هذا السبب بصيغة المبالغة فقال : "وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل عملا ً صالحا ً ثم اهتدى ".. والتوبة والاستغفار يتلازمان كثيرا ً ويلازمهما المغفرة.. وهى واجبة على المسلم من كل ذنب .. كما أنها طريق الفلاح فى الدنيا والآخرة فقد دعا الله إليها المؤمنين جميعا ً " وتوبوا إلى الله جميعا ً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون " ..
وهى سبب لفرح الله بعبده .. يقول رسول الله " صلى الله عليه وسلم " لله أفرح بتوبة عبده من أحدكم سقط عن بعيره وقد أضله فى أرض فلاة " .. وفى رواية " لله أشد فرحا ً بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كان على راحلته بأرض فلاة .. فانفلتت منه وعليها طعامه وشرابه .. فأيس منها فأتى على شجرة فاضطجع فى ظلها .. وقد أيس من راحلته .. فينما هو كذلك إذ هو بها قائمة عنده.. فأخذ بخطامها ثم قال : من شدة الفرح : اللهم أنت عبدي وأنا ربك .. أخطأ من شدة الفرح ".
والله سبحانه وتعالى يفيض من فضله على عباده فلا يغلق باب التوبة دون أحد فهو سبحانه .." يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار .. ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل.. حتى تطلع الشمس من مغربها " فأي جود بعد هذا الجود.. ومن ذا الذي لا ينهل من بحار جود ربه سبحانه.. والله سبحانه يفتح باب التوبة حتى يخرج فى جود قبوله عن حدود خيال البشر.. فهو يقبلها ممن أشرك معه غيره فقد قال بعد ذكر أهل التثليث وقولهم " إِنَّ اللّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ " أَفَلاَ يَتُوبُونَ إِلَى اللّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ " .. والتذييل فى الآية " وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ " .. وقبلها سبحانه من أشد الكفار كفرا ً وهم المنافقون فقال "إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَاعْتَصَمُواْ بِاللّهِ وَأَخْلَصُواْ دِينَهُمْ لِلّهِ فَأُوْلَـئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْراً عَظِيماًً" .
وقبل التوبة ممن تخلف عن الجهاد دون عذر " وَعَلَى الثَّلاَثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُواْ حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ "
وقد وعد بالقبول من عمل السيئات ثم أقبل تائبا ً فقال "أَنَّهُ مَن عَمِلَ مِنكُمْ سُوءاً بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِن بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ "
ولكن ... لعلك تتساءل إني أتوب عن الذنب ثم تغلبني شقوتي فأرجع ..
تتساءل إني قد أسرفت على نفسي فلم أترك من الذنوب شاردة ولا واردة إلا ركبتها ..
تتساءل هل يتوب القلب بعد أن يئس من النجاة .
إن من شروطها كما سمعت الندم وأنا أندم لكن لا ألبث بعد فترة أن أعود.. فهل يجدي الندم ..
إن من شروطها العزم على عدم العود وإني خائر العزم..
إن من شروطها الصدق وأنا أعلم مراوغة نفسي وزيغ قلبي ..
إن الضعف البشرى يكاد يقعد بي عن كل طريق للتوبة.. وأصدقاء السوء.. وشماتة الأعداء.. المعوقات كثيرة وكثيرة فهل من مخرج..
وأنا أقول لك أخي المريد.. إن طريق التوبة طريق شائك مليء بالعقبات والصعاب.. ولكن الله وعدك إن بدأت بالقبول... وإن صدقت بالإعانة.. فكن صادق العزم يصدق الله لك القبول " وإن تصدق الله يصدقك "
وأهجر أهل المعاصي واستعن بأهل الطاعة يسهل عليك الطريق.. وتجد المعين على ُقطٍّاعه من شياطين الإنس والجن.. وكن صاحب التوبة النصوح " تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحاً ً " تتيسر لك أسباب النجاة ويرسوا على بر الأمان قاربك.
ضع دائما ً قول الرسول " صلى الله عليه وسلم " استعن بالله ولا تعجز " نصب عينيك تفز.
واقرن التوبة بالإصلاح والصلاح تكن ضامنا ً على الله الفوز والنجاح .. فإنه سبحانه يقول فى حق قطاع الطريق – ما لم يرتكبوا حدا ً – وحكم بإسقاط الحد عنهم إن تابوا "إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ مِن قَبْلِ أَن تَقْدِرُواْ عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ"
أو تنصب لك موائد الملك ... ويبسط لك بساطه ولا تقبل " إن الله ينزل فى الثلث الأخير من الليل .. وذلك كل ليلة .. فيقول : هل من تائب فأتوب عليه .. هل من مستغفر فاغفر له "
فقد نقل الثقات عن خير الملا *** بأنه عز وجل وعلا
فى ثلث الليل الأخير ينزل *** يقول هل من تائب فيقبل
هل من مسيء طالب للمغفرة *** يجد كريما ً قابلا ً للمعذرة